من نعم الله على نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم أن جعله سراجاً منيراً للناس بهديه كما تنير الشمس ضياءً للناس ، ويشع القمر نوراً فقال تعالى بحقه :(يا أيُّها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً) (الأحزاب/25).وقال تعالى بحق الشمس والقمر (هو الذي جعل الشمس ضياءً والقمر نوراً) (يونس/5) ، وقال تعالى (وجعلنا سراجاً وهاجاً) (النبأ/13) ، وقال تعالى (ألم تروا كيف خلق الله سبع سموات طباقاً، وجعل القمر فيهن نوراً وجعل الشمس سراجاً) (نوح/16). فثبت من الناحية العلمية أنَّ الضياء يصدر من الشمس أو النجم المتوقد ، وثبت أنَّ النور انعكاس لذلك الضوء على الكوكب غير المتوقد كالقمر أو الأرض. فالشمس السراج الوهاج كما سماها الله تعالى، يتفاعل الوقود النووي داخلها لإنارة السماء واحتواء الظلام حالها كحال الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم فإن الدعوة إلى الله تفاعلت في نفسه كتفاعل الوقود النووي داخل الشمس فأطلقت الهدي الرباني الإيماني ضياءً لإنارة ظلام النفوس البشرية وأما كونه (منيراً).
فالضوء المنعكس من المصدر الوهاج (الشمس) ينير الأجرام المظلمة في السماء كما هو نور المصطفى المستمد من نور الله تعالى، وانعكاساته بواسطة الوحي قال تعالى :(قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله مَن اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم) (المائدة/15-16) .في كل هذا نرى أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم جمع في شخصيته بين (الضياء والنور) فهو (ضياء) في ذاته كالشمس وصفها الله بالسراج المنبعث ضياء ووصفه الله (بالسراج المنير) إذ جعله (نوراً) كالقمر في ذاته المنعكس، فهو صلى الله عليه وسلم يستقبل نوره من نور الله تعالى ويعكسه على عباد الله ويتفاعل داخل نفسه (كالشمس ضياءً) ، وينشر دعوته للناس خارجها (كالقمر نورا).
والله مـا ذرأ الإله ومــــا برا بشراً ولا ملكاً كأحمد في الورى
فعليـه صلى الله مـا قـلمٌ جـرى وجـلا الدياجـي نورهُ المتبسـم
فبحقـه صلـوا عليـه وسلمـوا