خلال اجتماع المجلس الأعلي للصحافة في مصر ناقش الحضور خطاب الأستاذ الدكتور محمود حافظ رئيس مجمع اللغة العربية والذي يناشد فيه الصحافة المصرية من خلال مجلسها الأعلي الاهتمام باللغة العربية وتنقيتها من الأخطاء والألفاظ الإنجليزية والحفاظ علي السلامة اللغوية.
وفي رأيي أن هذا الخطاب جاء في توقيت مناسب وسليم.. أتاح لنا الفرصة لاستعراض كافة الأمراض المزمنة التي أدت إلي الحالة التي وصلت إليها لغتنا الجميلة وتهددها بأخطار لا حصر لها.
أول هذه الأمراض وأشدها فتكاً وأصبح يحتاج إلي تدخل جراحي سريع.. تدني مستوي التعليم عامة وقبل الجامعي خاصة.. تلك المرحلة التي تتشكل فيها ميول الطالب واتجاهاته واهتماماته وفق ما يحب أو يكره من مواد دراسية.
وحتي نكون صرحاء مع النفس.. فإن الكثيرين من الطلبة يكرهون دراسة اللغة العربية لعقم المناهج وعدم تطويرها وانصراف المدرس عن مهمته الأصلية.. ومع كل سنة دراسية تفقد اللغة أبناطاً من رصيدها لدي الطالب.. وبانتهاء المرحلة الثانوية تكون اللغة بالنسبة له من تراث الماضي.
وبالطبع.. فإن كثيراً من الصحفيين والإعلاميين من بين هؤلاء الطلبة الذين ناصبوا اللغة العداء رغم أنفهم طوال سنوات دراستهم.. فماذا تنتظرون منهم؟
ثاني الأمراض يكمُن في الفضائيات العشوائية بأخطائها اللغوية الموروثة وإفسادها للبقية الباقية من لغة الخطاب والحوار.
هذه "الدكاكين" المسماة بالفضائيات والتي لا لون لها ولا طعم ولا رائحة تعتمد فقط علي مذيعات شبه عرايا وجاهلات علماً وإعلاماً استناداً إلي جيش المعدين من الصحفيين.
ثالث الأمراض يستوطن في غول الإعلانات بما تحوي معظمها من لغة هابطة ومفردات أجنبية بدون ترجمة لها تساعد القطاع الأكبر من القراء الذين يستهدفهم الإعلان علي الفهم والمتابعة. كما جاء في خطاب رئيس مجمع اللغة.
المهم أن ينشر الإعلان.. والأهم أن تجني الصحيفة ثمن الإعلان.. ولتذهب اللغة العربية إلي الجحيم!
صحيح أن الظروف الاقتصادية للصحف أصبحت صعبة جداً. والإعلانات هي عصب الحياة بالنسبة للصحف.. ولكن يجب التنبه إلي أن المخاطر ستكون فادحة.
إن مجمع اللغة العربية وهو يناشد الصحف الاهتمام باللغة إنما ينطلق ذلك من اختصاصاته التي نص عليها القانون لتحقيق أغراضه وهي خدمة سلامة اللغة العربية وتيسير تعميمها وانتشارها وتطوير وسائل تعليمها وتعلمها وضبط نطقها الصحيح وتوحيد ما فيها من مصطلحات وإحلالها محل التسميات الأجنبية الشائعة في المجتمع. وقد كنا فعلاً في أمس الحاجة.. إلي من يدق ناقوس الخطر.